ما هو الضوء؟ وما هي ماهيته وطبيعته؟
إنه شيء نراه ونحس به ونستفيد منه يوميا لكنه قلما يأخذ الكثير من حيز تفكيرنا. ومع ذلك فهو محور هام من محاور الفيزياء استحوذ على اهتمام العلماء قديما وحديثا. في محاولة لتفسير تصرفاته المتناقضة دوما. منذ أيام أرخميدس. وقد يكون الأمر الذي يكسبه أهميته المميزة. تربعه على عرش السرعة منذ الأزل دون منازع. فهو صاحب السرعة الحدية القصوى في الكون تعجز أدق الساعات عن قياسها وما من شيء مهما كان يستطيع تجاوزها .
ولكي ندخل في صلب موضوعنا نقول أن الضوء كان سببا لحدوث بعض الخلافات بين العلماء فيما مضى والسبب في ذلك ظهوره بطبيعتين!
فقد كان يظهر أحيانا وكأنه ذو طبيعة موحية. ولكنه وبخلاف موجات الصوت والماء مثلا ينتقل في الفراغ أيضا ـ وكان هذا للمناسبة، سببا لافتراض ذلك الوسط المسمى بالأثير ـ وكان في أحيان أخرى يبدو وكأنه دفق من الجسيمات الصغيرة. فأي طبيعة غريبة تلك التي يتمتع بها الضوء؟
إنا لنعلم الآن أن أعظم إنجازات عالم الفيزياء الكلاسيكية "اسحق نيوتن" تناولت الضوء بنظريته الجسيمية التي كونها عنه.
فقد أرشده ثبات المركبات اللونية الظاهري للضوء الأبيض في تجاربه على المنشور الزجاجي. إلى تكوين نظرية جسيمية له. http://www.9m.com/upload/25-04-2007/0671901177491682.jpgوقد بين في تجربة أخرى مفادها أنه إذا سلطت حزمة ضوئية على حاجز معتم له أطراف حادة، فإن ظله الملقى على حاجز أبيض قريب منه، يبدو واضحا محددا كالحاجز نفسه. وقد استنتج من هذا أن الحزمة لا يحيد أو ينحرف منها شيء أبدا عند حافة الحاجز وإلا لبدا ذلك على حواف الظل لو أن الضوء ينتشر انتشار الموجات.
ودفعه هذا إلى استنتاج أن الضوء يتألف من جسيمات تسير بحسب قانونه الأول في خطوط مستقيمة تبقى هكذا ما لم تأثر في ذلك الحاجز أي قوة .
وكان استنتاجه هذا بداية لولادة نظرية نيوتن الجسيمية في الضوء التي أهملت بعد ذلك لصالح النظرية الموجية، إذ أثبتت مشاهدات أكثر دقة أن حافة ظل الحاجز ليست واضحة تماما بل مشوشة، مما يدل على انحراف الحزمة حول الطرف الحاد. ودلالة هذا هو أنه بطبيعة موجية.
وكان من أبرز المعارضين لهذه النظرية الجسيمة التي اقترحها نيوتن هو العالم كريستيان هويغنز والمؤيد القوي للطبيعة الموجية للضوء.
وقد تكون ظاهرة الحيود والتداخل هي الظاهرة الأبرز في سطوع نجم الطبيعة الموجية للضوء .. وعاملا مهما يعزز فكرة هذه الطبيعة .
وكما نعلم جميعا ...فإن عبور حزمة ضوئية لشق ضيق ، يسبب انحرافها قليلا عند حافته .. ومن ثم انتشاره .
فالنمط الذي تتراكب فيه حزمتان منحرفتان من الضوء لا يمكن تعليله إلا باعتبار الضوء أمواجا من قمم وقيعان . بحيث لو تلاقت قمتان أو قاعان معا أنتجا بقعة مضيئة في حين أن التقاء قمة بقاع يخلف بقعة مظلمة " وهذا ما يعرف بالتداخل ".
لكن ... وبعد كل هذا النزاع والخلاف ... والآراء المتناقضة .... أين هي الحقيقة؟؟ ... وأي الطبيعتين هي طبيعة الضوء ... ؟؟
لعل الفضل في اكتشاف حقيقة الضوء ... والتي تبين في نهاية المطاف أنها تحمل كلا الخاصيتين " الموجية والجسيمية " .. عائد إلى عالم الفيزياء الألماني " ماكس بلانك " فقد كان أول من ارتأى أن الضوء ليس موجي الطبيعة فقط ولا جسيمي الطبيعة فقط بل إن له خصائص الطبيعتين ... أي أن هاتين الطبيعتين وجهان لعملة واحدة هي الضوء !!
وقد كان هذا بداية لنشوء علم مكيانيك الكم ....
وقد قام آلبرت آينشتاين بتوسيع هذه النظرية فيما بعد معتبرا أن انعكاس الضوء وانكساره وحيوده هي مظاهر تدل على طبيعة الضوء الموجية ... بترددات وأطوال موجية كأمواج الصوت كذلك.
وما يكسبه طبيعة جسيمية هي ظاهرة ابتعاث الذرات وامتصاصها للضوء... مما يدل على أنها دفق من الجسيمات أطلق عليها اسم " الفوتونات " .